مشاهدت وتحميل فيلم Casualtiəs of War مترجم عربي كامل برابط مباشر
يُخيِّم السكون على الضفة الغربية لألمانيا، ويسكن الموت أجساد الجنود الهامدة، مطاردا الأحياء منهم بلا هوادة، في لقطة تتمثل فيها الجثث من بعيد كمنحوتة أحفورية لتاريخ من الحروب المتعاقبة. هكذا يفتتح المخرج إدوارد بيرغر فيلم "كل شيء هادئ على الجبهة الغربية" (All Quiet on the Western Front) الذي نال أربع جوائز أوسكار عن أفضل تصوير سينمائي وموسيقى تصويرية وتصميم إنتاج في الحفل الذي عُقد مساء الأحد الموافق 12 من مارس/ أذار الجاري.
نبتت البذور التي نضج منها الفيلم في قلب محرقة للكتب، إذ أضرم الحزب النازي الذي حكم ألمانيا في ثلاثينيات العقد الماضي النيران في كتب من بينها نسخا من رواية إيريك ريمارك "كل شيء هادئ في الجبهة الغربية"، وهي الرواية الألمانية الأكثر مبيعا على الإطلاق، والتي أخرجها أولا لويس مايلستون في فيلم سينمائي حمل العنوان ذاته عام 1930، وفاز بالأوسكار عن أفضل فيلم وأفضل مخرج أيضا.
تدرج أوسكاري للحزن
في نسخة بيرغر الحديثة، يوجز المخرج إحدى الثيمات الرئيسية لقصته في عنصر واحد فقط وهو معطف، نبصر في بداية الفيلم جنودا موتى يتجردون من معاطفهم وأحذيتهم الدامية، ليعاد تدويرها وتقديمها للمجندين الجدد، يصوب بيرغي تركيزه على تفصيلة كتلك، ينتبه إليها بطل فيلمه باول بومر ويشير إلى اسم علق في السترة المقدمة إليه فيمزقه الضابط ويلقيه جانبا، تلك تفصيلة تمنحنا منظورا أشمل عن الحرب، حيث يسقط الإنسان من الحسابات وتتبدل الوجوه والأسماء وتُتوارث المعاطف.
منذ اللحظة الأولى، ينتهز بيرغر الطبيعة لتتواءم مع مصائر أبطاله، ويظهر أثرها بوضوح في الفيلم، فمثلا في مناخ أقرب للدفء يقرر باول الذهاب طواعية للحرب العالمية الأولى أسوة برفاقه، لكن تلك الخيالات الحالمة البراقة والحماس القومي عنها ستتبدد كلما توغلوا، ليستحيل الطقس خريفيا، قبل أن يحل بهم شتاء عنيف شديد البرودة والشحوب والهلع، فينقلنا الفيلم -فقط عبر الطقس- إلى الحالة المطلوبة تماما. يُومض بيرغر فيلمه كل حين بخيوط شمسية كلما همَّت شخصياته بالحلم أو تمسكت بأمل، لكن الثلج كالموت يعود ولا يبقى سوى الخراب.
في هذا السياق يطلعنا بيرغر في تتابعات متلاحقة على ويلات الحرب والخسارة، الشعارات الطنانة والحقائق القاسية، ولكنه بحرفية شديدة يجعل من تهشيم نظارات باول نقطة تنويرية يصطدم فيها البطل بواقعه بعد أن تحطم الإطاران الرفيعان اللذان لطالما نظر بهما إلى العالم، ليتطلع دونهما مُكْرَها إلى حقيقة ما يحدث.